Card image cap

القدس العتيقة - الجزء الأول

منذ 3 سنوات
بكيت.. حتى انتهت الدموع صليت.. حتى ذابت الشموع ركعت.. حتى ملّني الركوع سألت عن محمد، فيكِ وعن يسوع يا قُدسُ، يا مدينة تفوح أنبياء يا أقصر الدروبِ بين الأرضِ والسماء يا قدسُ، يا منارةَ الشرائع يا طفلةً جميلةً محروقةَ الأصابع حزينةٌ عيناكِ، يا مدينةَ البتول يا واحةً ظليلةً مرَّ بها الرسول حزينةٌ حجارةُ الشوارع حزينةٌ مآذنُ الجوامع يا قُدس، يا جميلةً تلتفُّ بالسواد من يقرعُ الأجراسَ في كنيسةِ القيامة؟ صبيحةَ الآحاد.. من يحملُ الألعابَ للأولاد. ..في ليلة الميلاد. تحشرج صوته الرخيم عقب انتهائه من شدو هذه الأبيات، سالت دمعة من عينه..سارت ببطء على وجنته و عينه تحتضن قبة مسجد قبة الصخرة، نظر لها الجد يوسف بقهر غير جديد متسائلاً في داخله ..هل يُمكن أن يشهد تحرر القدس؟ ! أقسم في داخله أنه لو شهده لبذل كل ما يملك في سبيل الله و سبيل اعمارها من جديد "! يُقال بأن لكُلٍ نصيب من اسمه لكنها من قسمت نصيب اسمها منها .. هي القدس ..الطُهر و النقاء، هي يبوس ..القوة و العزّة، هي أورسالم ..دار السلام، هي إيلياء ، ومهما عددنا اسماءكِ يا قُدسنا ما أوفينا صفاتكِ و لا سماتكِ . أول من بنى القدس و سكنها في الألف الخامسة قبل الميلاد هم اليبوسيون ، يعتبرها العرب و مناصرو القضية الفلسطينية عاصمة فلسطين بينما تعتبرها اسرائيل عاصمتها إثر ضمها الجزء الشرقي من المدينة عام 1980م. و الذي استولت عليه بعد حرب 1967م . يؤمن اليهود أنها عاصمتهم لأكثر من 3000 عام ،أما المجتمع الدولي فلا يعترف بها عاصمة لإسرائيل و يعتبرها جزءًا من الأراضي الفلسطينية. لطالما كانت القدسُ ذات أهميةٍ دينية لجميع الديانات السماوية فهي ثالث أقدس المدن بعد مكة و المدينة المنورة ،و هي أولى القبلتين حيث كان المسلمون يتوجهون إليها في صلاتهم بعد أن فُرِضَت عليهم حوالي سنة 610 للميلاد، و تمثل الموقع الذي عرج منه النبي محمد (صلى الله عليه و سلم) إلى السماء . 2-بالنسبة للمسيحيين القدس اصبحت موقعًا مقدسًا للمسيحيين بإعتقادهم أن المسيح قد صُلِب على احدى تلاتها و هي تلة الجلجثة و التي طبقًا للعهد الجديد تحوي مدفنه بعد أن عثرت القديسة هيلانة على الصليب الذي عُلق عليه بداخل المدينة بعد حوالي 300 سنة . 3- بالنسبة لليهود فهي أقدس المدن بعد أن فتحها النبي داوود و جعل منها عاصمة مملكة اسرائيل الموحدة قرابة سنة 1000ق .م ،ثم أقدم ابنه النبي سليمان على بناء هيكل فيها كما توضح نصوص التوراة . و كنتيجة للأهمية الدينية الكبيرة للقدس فإنها تحوي العديد من المعالم المقدسة الكبرى مثل: 1-المسجد الأقصى المكون من عدة معالم مقدسة أهمها مسجد قبة الصخرة و المسجد القبلي . 2- كنيسة القيامة التي بُنِيَت فوق تلة جلجثة . 3-حائط البراق يعتبر من أشهر معالم مدينة القدس، ولهذا الحائط مكانة كبيرة عند أتباع الديانتين الإسلامية واليهودية. إذ يُذكر في بعض المصادر الإسلامية على أنه الحائط الذي قام الرسول محمد ( صلى الله عليه و سلم ) بربط البراق إليه في ليلة الإسراء والمعراج. مكانته عند اليهود يعتبر اليهود الحائط الأثر الأخير الباقي من هيكل سليمان. في رأي أغلبية الحاخامين اليهود يكون الدخول إلى الحرم القدسي محظورا على اليهود منذ خراب الهيكل، فلذلك الحائط هو أقرب نقطة من مكان الهيكل التي يمكن لليهود الصلاة فيها حسب الشريعة اليهودية العصرية. وأطلق عليه العرب المقدسيون اسم "حائط المبكى" نسبة إلى الطقوس التي كان اليهود يؤدونها قبالة الحائط حدادًا على خراب هيكل سليمان. و مع طول تاريخها تعرضت القدس للتدمير مرتين، و هوجمت 52مرة، و حوصرت 23 مرة ، و تم غزوها و فقدانها 44مرة ، عاش الناس في نفس مكان تشييد المدينة منذ 4000 ق.م مما يجعلها إحدى أقدم المدن المأهولة بالسكان حاليًا، كما أنها تصنف عالميًا بأنها موقع تراث، و جرت العادة منذ سنين على تقسيم المدينة إلى 4 حارات و لكن لم تظهر اسماء هذه الحارات إلا في أوائل القرن التاسع عشر مثل: حارة الأرمن، و حارة المسلمين ،و حارة النصارى ،و حارة اليهود. كل عاقلٍ في هذه الدُنيا و حتى من فارقها يؤمن و يصدق تمامًا أن كل شبر من فلسطين الأبيّة هو ملكٌ لها و تحت تصرفها و لا يحق لأي كان مكانه في المنظمات العالمية أن يُعطي أرض قومٍ لأخرين كما حدث في وعد بلفور عام 1917 م تحت عنوان مِن مَن لا يملك لمن لا يستحق. و الآن يتكرر نفس المشهد في صفقة القرن و تحت تطبيع كامل من العرب الذين من المفترض أن يؤازروا البلاد الشقيقة، ناهيك عن وطن قُسّم بحدود وهمية هم كأهل الديانات السماوية الثلاث وجب عليهم على الأقل أخذ موقف جاد تجاه ما يحدث لإخوتهم على أيدي الصهيون لكن يبدو أن جاد قد قُتِل "!
الجزء الثاني من هنا
0 تعليق
إترك تعليق