Card image cap

سورة الهُمزة

منذ 3 سنوات
"سورة الهُمزة"
سورةٌ مكيّة، من قِصار السور، أبرَزَت قضية لا يخلو منها مجتمع في أي زمن، و إفراد سورةٍ كاملة لأمرٍ كهذا إنما يستدعي منَّا التنبَّه له، وتذكيرِ من حولنا بخطورته، صِغارًا و كِبارًا..
تبدأ السورة ب"وَيلٌ"، إذًا جَزاءُ الوقوعِ في هذا الذنب هو العذابُ الشديد، ثم تَلتها كلمة تعميم "لِكُل"، لن ينجوَ أحدٌ من هذا العقاب، مهما بلغ نسبُه و منصبه في الدنيا، فبغير توبةٍ و ندمٍ، سيلاقي العذاب ولابُد.
"وَيلٌ لِكُلِّ هُمزةٍ لُمَزَة" :صيغة المُبالغة تدل على تكرارالفعل و استمراره، حتى أصبح مُلاصِقًا لِصاحبه، فاستحق به العذاب..
المعنى العام للهمز و اللمز هو الانتقاص و السخرية، أما الفرق بينهما هو أن الهمز يكون في الخفاء، أما اللمز فيكون في مواجهة الآخر، و كِلا الفعلين مما يكسر القلوب و يوغِرُ الصدور.
ما الذي غَرَّ الإنسان ليفعل هذا بأخيه؟
إنه ماله "الذي جَمع مالًا و عدده" ، مالًا جاءت نكِرة، لتفيد العموم، فهو لم يتحرى الحلال في ماله، بل اهتم بتكثيره و زيادته فقط، حتى و إن كان حرامًا، فأعماه ذلك عن الحق، و جعله يحسَبُ خطاً أنه لن يُحاسب، و لن يموت "يحسَبُ أن مالَهُ أَخلَدَه"..
الفعل الماضي "أخلَدَه" يوحي بأن الأمر لم يعد يشغله أصلًا، هو مُخلدٌ لامحالة، كما قال صاحبُ الجنتين في سورة الكهف ﴿وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفسِهِ قالَ ما أَظُنُّ أَن تَبيدَ هذِهِ أَبَدًا۝وَما أَظُنُّ السّاعَةَ قائِمَةً..)
ويأتي الرد قاطعًا كلُّ تلك الظنون "كلًا ليُنبَذنَّ في الحُطَمة"، سيُلقى به في نارٍ تَحطِمُ العظام كما كانت كلِمَاته تفعل بالقلوب، تلك النار التي مهما سمع و مهما قرأ عنها، فلن يتخيل مقدار العذابِ فيها "و ما أدراكَ ما الحُطَمة"، وصفها الله بأنها تأتي على كُلِّ شيء، حتى تصل إلى القلوب "التي تَطَّلِعُ على الأفئِدَة"، ذلك القلب الذي لطالما مُليء بالكِبر على الناس، سيأتي عليه أوانٌ و تأكُله النار، و أيُّ نَار!
"إنها عليهم مؤصَدة"، لا مهرب منها، و لا شيء سيُنهي العذاب، بل يتجدد و يستمر..
"في عَمَدٍ مُمَدَّدة": أي مُقَيَدون فيها بسلاسل و أغلالَ طويلة، لا يخرجون منها أبدًا..
﴿وَأَمَّا الَّذينَ فَسَقوا فَمَأواهُمُ النّارُ كُلَّما أَرادوا أَن يَخرُجوا مِنها أُعيدوا فيها وَقيلَ لَهُم ذوقوا عَذابَ النّارِ الَّذي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبونَ﴾
نعوذ بالله من ذلك، ونسأله العفو والعافية..
0 تعليق
إترك تعليق