Card image cap

سورة العصر

منذ 3 سنوات

من أقصر سُورِ القرآن، ثلاثُ آياتٍ فقط، حَوَت من البلاغة والإعجاز ما يأخُذُ بلُبِّ الإنسان، ويجبره على التوقف أمام تلك المعاني العظيمة، التي قال عنها الإمام الشَّافِعيّ-رحمه الله-: "لو تدبَّر الناس هذه السورة، لوَسِعَتهم"، وقال: "لو لم ينزل إلى الناس إلا هي، لكَفَتهُم"..
بدأت بالقسم "والعصر"، الله العظيم يُقسم، إذًا فالخَطْبُ جَلَل، ومن يحتاج إلى قسمٍ من الله ليُصدق كلامه! ، و إنما جاء القسمُ ليلفت الانتباه إلى أهمية الحقائق التي ستليه، و إلى قَدْرِ المَقسومِ به، فالله العظيم لا يُقسِم إلا بعظيم، ومَن مِنَّا قد التفتَ يومًا إلى أهمية وقتِ العصر!
جاء في أقوال المفسرين، أن العصر سُمِّي هكذا، لأنه يمثل توقيت نهايةَ اليوم، أي عُصارته، تلك الفترة التي غالبًا ما يغفل فيها الناس، إمَّا بنومٍ أو لهوٍ، هي من أجَلِّ أوقات اليوم، فآخر اليوم تصعد ملائكة النهار و تهبط ملائكة الليل، فتُرفع أعمال اليوم، فتأمل كيف تختم صحيفة نهارك!
ثم تأتي الكلمات الصاعقة في الآيات التالية "إن الإنسان لفي خُسر"..
لم ينجح أحد!، هكذا باختصار تُخبرنا الآية، انشغلنا بالدنيا و زينتها، حتى أتانا العصرُ، و انقضىٰ الأجل، و ها نحنُ نقابل النهاية الحتمية، الخسَارة..
لكنَّ أرقَّ و أعظم معاني الرحمة تأتي في الاستثناء بعدها "إلا"، ما أرحمه ربُّ العبادِ إذ لم يتركنا هائمين، لا نعلمُ كيفَ ننجو، سبحانه!
"إلا الذين آمنوا و عملوا الصالحات و تواصَوا بالحق و تواصَوا بالصبر"، أربعُ صفاتٍ لخصت النجاة من الخسارة، لكن تأمل الجمع ها هنا بعد الإفراد، "الإنسان" ثم "الذين"، و كأن الله يخبرنا أن أول طريقِ الفلاح يكمُن في صُحبة، تشدُّ على يديك، و توصيك بالخير، و تُحذِّرك من الشر، فالذئب لا يأكل من الغنم إلا القاصية، و كذلك الشيطان، لا يسهلُ عليه أن يُهلكِ من اعتصموا سويًا بحبلِ الله..
فاحذر أن يأتي عليكَ العصر، و أنت في غفلتك، قد أخذتك الحياة في زينتها، و نَأَت بِك عن آيات الله..
☘️

0 تعليق
إترك تعليق