فِضلوا أنبِيَا 3
منذ 3 سنوات
فلنُكمل:
الجد: كيف أحوال صديقي الصغير؟الحفيد: لا أعلم يا جدي والله، ولكن أظنني بخير.الجد: كيف؟الحفيد: أخذت بنصيحتك وقد كانت خير نصيحة نصحتني إياها، تجاوزتها وأخرجتها من حياتي وكأنها لم تدخل من قبل الحمد لله، فقد استعصمت به، ولجأت إليه وكفي به -جلّ في علاه- هاديًا ونصيرًا والله يا جدي:')ولكن أنا مشتت، لدي وساوس كثيرة عن المستقبل، أفكر كثير به وأكون كمن ضيّع حاضره تفكيرًا في مستقبله، فيمضي الوقت فيندم على ماضيه.وهنا لا أعلم كيف حالي، أكون بخير فرحًا بنعمة الله عليّ بعدما رد إلي قلبي؟ أم حزينًا على وقتي وطاقتي المهدورين في التفكير بلا فائدة؟الجد: مبدئيًا أنا فخور بك يا صغيري، فخور بالصغير المطيع الذي أخذ عني ما قلت واستفاد منه، وفخور أيضًا أنك على علم بما تمر، وقادر على تحديد مشاكلك.ولكن بما تفكر يا صديقي؟
الحفيد: في أشياء كثيرة يا جدي، أفكر بالغد كيف سيكون؟ سأنجح أم سأفشل؟ في دراستي وامتحاناتي، في الزواج وهل يرزقني الله زوجة صالحة أم لا؟ أشياء كثيرة..
الجد: ولماذا تفكر في الغد وهو ملك لله يا بُني؟ أليس كل هذا من أرزاق الله لنا؟ فهل طلب الله منك عبادة غد حتى تطلب منه رزق غد؟
الأمر بسيط بعون الله، يخبرنا الله يا صديقي أن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن سعيه سوف يرى وهنا يخبر الله أنه لا يحاسب الإنسان إلا على السعي، فهل من العقل أن نحاسب أنفسنا على النتيجة؟ أي ظلم نظلم به أنفسنا؟فعندما نخاف من المستقبل، نكون كمن لا يثق بالله عز وجل، وأن الله لن يفعل ما وعدنا به -حاشا لله-..وهنا نحتاج أن نستشعر معنى اليقين يا صغيري، كيقين نبي الله نوح -عليه السلام-.
كذَّبه قوم واستهزأوا به، بل كذبه أقرب الناس إليه..كذبه امرأته، وابنه :'(تخيل يا صغيري أن يكذبك الخلق أجمعين إلا قلة قليلة لم تشملها أهل بيتك، ويخبر الله نوح -عليه السلام- أن يصنع سفينته باليابسة؛ ليُبحِر بها..ماذا تقول في رجل يصنع سفينة كبيرة في اليابسة بعيد عن الماء؟ أو أي عقل يصدق أن الأرض ستغرق للحد اللازم لإبحار السفينة؟
فكان عنده يقين أن الله سينصره يا بُني، فكان يشتغل بصنع السفينة رغم استهزاء قومه به، ويدعو ربه: " أنيّ مغلوب، فانتصر " غلبني قومي يا الله، فانتصر لي منهم :'(وجاء رد ربك: " ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيونًا، فالتقى الماء ".
أو يقين نبي الله إبراهيم -عليه السلام- عندما رماه قومه في النار أن الله معه؛ ليأتي بمعجزة من ربك: " قلنا يا نار كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم " بل من أراد به كيدًا جعله الله من الأخسرين :')
أو يقين أنبياء الله إسماعيل وإبراهيم -عليهما السلام- لما رأى سيدنا إبراهيم أنه يذبح فلذة كبده سيدنا إسماعيل، واستجابة الابن لرؤية أبيه؛ لأن رؤى الأنبياء حق..ويقول قول يضرب به المثل في الإذعان لأمر الله: " يا أبتِ، افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فكان لديهم يقين أن الله لا يأمر بمنكر وإن كان قتل الأب لابنه!ليفديه الله ويقول: " يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا، إنّا كذلك نجزي المحسنين ".وكذلك يقين سيدنا إبراهيم حين ترك زوجته وابنه في صحراء بلا ونس ولا زاد، ودعىٰ الله : " رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ ".
فنبع بئر زمزم وشربت هاجر وابنها والعالم إلى اليوم، ورزقهم الله الوَنس فاجتمعت حولهم القبائل.
وغيرهم كثييييير من القصص ^^
الحفيد: ولكن هم أنبياء الله يا جدي..
الجد: وهل أخبر الله بها نبيك -صلى الله عليه وسلم- إلا ليتعلم منهم، ويربط على قلبه، ويصبر على ما يراه، ألسنا أحوج بذلك من سيد الخلق؟
فلا تنشغل بالمستقبل يا بُني، واغتنم الحاضر وكن على يقين أن الله يجازيك ع مقدار سعيك، بل يزيد لكرمه..
أما أن يظلمك؟ فحاشاه سبحانه
فما ظنك برب العالمين؟ :')
وللحديث بقية..
" إنسان "