"سورة القارعة" سورةٌ مكيّة، جاءت لتقرع على كل قلبٍ غافل، تُنَبِه على حقيقةٍ لا فرار منها، القارعة آتية!بدأت السورة بكلمة واحدة، احتار العلماء في سبب إتيانها هكذا، أهي بقية جملة حُذفت! و الحقيقة أنها أتت هكذا لتجذب الانتباه، و تلفت العقول إليها يوم نزلت، حينها وقف النبي صلى الله عليه وسلم وسط قومه و قالها، فتعجبوا، ماذا يقصد! أمن المعقول أنه سيعلن الحرب علينا مع قلته التي آمنت به! أم أن ربَّه أخبره أن عذابًا سينزلُ بِنا! و أكمل النبي صلى الله عليه و سلم و قال"ما القارعة. و ما أدراك ما القارعة"، مهما حكى عنها و أخبر لن يوفيها حقها، فلا أحد يستطيع أن يتخيل أهوالها و ما سيجري فيها.. و بعد أن عايشت تلك الكلمات التي تستطيع من قوتها أن تتحسسها أُذنك، جاء وصف اليوم الموعود "يوم يكونُ النَّاسُ كالفراشِ المبْثُوث".. النَّاس العُقلاء في الدنيا، سيكونون يوم إذٍ مِثلُ الفراش، و هو كناية عن مدى ضعفهم و قلة عُقُولهم، و هل هناك أحمقُ من الفراشِ حينَ ينجذِبُ إلى النارِ و ضوئها، فتكون سبب هلاكه! و حتى الجِبالُ الرواسي، لم تبقى على حالِها "و تكونُ الجِبالُ كالعِهنِ المنفُوش"، ستُنثر و تنهار، فتصيرُ كالصوف الملون، مُنتشر في كل مكان.. بعد انهيار أثبت المخلوقات على الأرض، هل بقي في كيانِك ذرَّةٌ ثابتة! سيبحث الجميعُ وقتها عن أي سبب ليثبت، فيخبرنا الله أنه لا يَثبُت أي إنسان حينها، إلا من أَثقَل عمله في الدنيا، فيأمن و يرتاح من كل تلك الأهوال "فأما من ثَقُلت موازيينه فهو في عيشةٍ راضية"، اللهم اجعلنا منهم يارب💚 و لكن مهلًا، ألا يعني ذلك أن هناك من ستخف موازيينه! أجل، و تلك حينها أكبر المصائب، لن ينجو"و أما من خفَّت موازيينه فأمُّه هاوية"، الأم رمزٌ لعطاء كل شيء، هي من تُطعم، و تُلبس، و تسقي، و كذلك حال الهالك يومها، سيُلقى في نارٍ مُستعرة، يأكل من زقومِها، و يشرب الحميم، و يكون لِباسه من النّار. "و ما أدراكَ ما هي" لن تتخيلها، و مهما رأيت من نيرانٍ لن تبلغ عُشرها، والنار في ذاتها حامية، تلك صفة ملازمة لها، فما بالك إن وصفها الله بذلك! كان خِتام السورة "نارٌ حامية".. فاعمل لآخرتك، مُستحضِرًا صورةالهلاك تلك..