وَغَاب القلبُ مع الغُروب

لا يزالُ كُل شئ جميل و دافِئ كدِفئ يديها و جميلٌ كجميل عينها المُنعكس فيها الغروب. لمْ أكُن أعلَمُ يومًا أن تغيب، اعتدتُ وجُودها قُبلتها في الصباحِ الباكِر و صوتها الحنون الدافِئ كدِفء الشمسِ بعد يومٍ عاصِف، جميلة برقّتها و بسمتِها، لا أستطيع أن يمُرّ يومي بدون تِلك المُشاغبات بيننا ولا المُشاكسات التي يتعالى فيها صوتنا؛ ولا يُمكنُني نِسيان بريق عينيها هي تقول " أنا فخُورةٌ بكِ " تلاطمت بي أمواج الحياة حتى فتّكتني وجعلت مني ورقة بالِية لا تتحمل شئ ولكنّها آمنت بي آمنت بِروحي و صبري و قوّتي حتى آمنت بضعفي المُتوارى خلف زِيف بسمتي. أتذكّرُ... أتذكّرُ سيرنا معًا في الحقول الخضراء و حديثها عنها و عن حُبّها للون الأخضر وعشقها لزقزقة العصافير حولنا أحببتُ هُدوئها الدائِم وكسرني حُزنها الصامِت وهشّمتني مصائِب الحياة على قلبها رُغم استقبالها لها بثغرٍ باسِم و قلبٍ مُطمئن. لم تغِب كلماتها عن خاطِري يومًا كتِلك المرّة التي ذهبتُ لها باكِيةً فاقِدة الحياة وروحٌ فارقت الجسد فربتت على كتفي وطبعت قُبلةً على جبيني و أخبرتني أن الله لن و لم ينسانا هو الرحيم مهما قست الحياة و الكريم مهما شحّ بنا القدر و اللّطيف مهما تعثّرنا وهو الودود بنا و بقلوبنا. أتذكّرُ أنها في ليلة كهذة الليلة غابت مع غِياب الشمس و لكنّها لن تعود مع الشمس في اليوم التالي رحلت وتركت بقلبي فجوة لن تُداوى و كسرًا لن يلتئم. كُل يومٍ أذهبُ و أجلسُ في المكان الذي اعتدنا الجلُوس به دومًا أنتظر الغروب حيث أراكِ مُبتسمة الثغر تُلوّحين لي من بعيد، أردتُ لو ضممتُكِ مرة أُخرى.. مرّة لينصلح كُل الخراب الذي ارهقني و أدمى روحي وعجّز قُدرتي.. مرة واحِدة فقط.... ") وغابت مع غِياب الشمس و لكن هذه المرّة غياب أبديّ لا يعقبهُ شروق آخر..")