Card image cap

زِنزانة المَوت

منذ 3 سنوات
هَا أنا أكتبُ مُذكّراتي على ضوء ذاك القمر المُتسرّب عبر شِق صغير مِن غُرفتي، ذاك القمر رَفِيقُ ليلي البائِس في تِلك الغُرفة المُفعمَة بالرفاهية و التي بها أحدثُ الوسائِلِ للدرجة التي آثرتُ فيها أن أكتُبُ على ضوء القمر، يا لسخافتي.. !!.. أكتُب علّ حنيني يستكين و غضبي الثائِر يهدأ.. أكتُبُ لأُمّي التي زاد الشوقُ لها أميالًا، شوقُ تِلك القُبلة التي كانت تطبعُها على جبهَتِي كُل صباح.. أكتُبُ حسرةً و بُهتانًا حارِقًا على رُؤيتِها فرِيشة الأرض لا حولَ لها ولا قُوّة، و أنا.. وأنا عجِزتُ عن الثأرِ لها حتى ... أكتُبُ لتِلك الليالي التي كان جمالها يفُوق جمال السماء بِما تحويه.. و أكتُبُ لأخِي الذي لا أعلمُ أ كان على قيدِ الحياةِ بعد أم ذهبَ لخالِقه؟!... لا أعلم.. و إلى غُرفتي ذات اللون الزهريّ، وإلى وِسادتِي رفيقة عَبَراتِي، إلى السّماء باحتِي عندمَا تعصِرُني الحياة... مِن وَراءِ القُضبانِ أكتُبُ و الكاتِبُ قلبٌ يُنازِع و عقلٌ يتأوّه... تهِيجُ أمواجُ الذِكريات دامِيةً وتأتِي نسماتُها مُطمئنةً وبُكاءها مُتحسّر على أيّامِي الخوالي، تِلك الأيام التي كان فِيها كُل شئٍ جميل كتفتُّح الزهُور في بِداية الربيع... إلَى أن حلّ شِتاءٌ لا خير فِيه.... إجتاحُوا مقدسُنا المُحرر و فرّقوا شملنا.... كُل هذا بسببِ كلمة حقٍ قِيلت خوفًا من الله.... ذبحُوهم أمامي عيناي.... فعلوا مع أُختي مالا يُقال حتى مِن شدّته فارقت الحياة كانُوا الكِلاب المُصابة بالسُعر إنهم لا فرق بينهم و بين الكِلابِ أبدًا... فِي تِلك اللّيلةِ المشؤُمة تركتِ منزِلي جيدًا فقط إنّما روحي بُعِثت معهُم إلى السّماء... الآن فأنا في لِحاقِهم جسدًا أيضًا فقد احتلّ الطاعُون كُل ذرّةٍ منّي و لكن لا يُهم فهذا اشرفُ مِن أن أمُوت على أيدِيهم.... ذاهِبة لهم لِيجتمعَ الشملُ مِن جديد و لكن ليس فِي دُنيا الظُلمَات بل فِي دِيار النّعِيم..") وداعًا يا زِنزانة الموت
0 تعليق
إترك تعليق